في خطوة جديدة تمهد الطريق أمام استخدام اختبارات الـ DNA بسهولة، سواء في الأدلة الجنائية أو في تشخيص الأمراض الوراثية استطاعت مجموعة من الباحثين بجامعة نورثويسترن Northwestern University ابتكار أسلوب جديد لإجراء اختبار تتبع الـ DNA، وذلك باستخدام جزيئات ضئيلة جدًّا nanoparticles من الذهب، وباستخدام الأسلوب الجديد يمكن إجراء اختبار تتبع ومطابقة الـ DNA في موقع الجريمة؛ للتعرف على الجناة أو في عيادة الطبيب لتشخيص العديد من الأمراض، فهو يتميز بسهولة الاستخدام وقلة التكلفة، بالإضافة إلى الدقة العالية.
والـ DNA هو المكون الأساسي للجينات التي تعتبر وحدة الوراثة في الكائن الحي، وهو يتكون من سلسلتين طويلتين مجدولتين تتكون من وحدات تسمى نيوكلتيدات، كل مجموعة نيوكلتيدات تمثل جينا، ومجموع تلك الجينات في شريط الـ DNA الموجود في كل خلية حية، والذي يصل طوله في الخلية الآدمية إلى ستة أمتار يمثل الشفرة المعلوماتية للصفات والوظائف الحيوية الخاصة بكل كائن حي، وحيث إن الـ DNA بصمة منفردة لكل إنسان فهو يمكن استخدامه للاستدلال عليه، كما يمكن عن طريق تتبع جيناته الكشف عن الأمراض الوراثية المختلفة، بل العديد من الأمراض الأخرى.
الأسلوب الجديد في اختبار الـ DNA هو البديل الثوري للأساليب القديمة مثل المجس الفلورسنتي أو استخدام التفاعل البوليمرازي التسلسلي polymerase chain reaction (PCR) الذي تم ابتكاره في منتصف الثمانينيات، ومنذ هذا الوقت والعلماء يحاولون تطوير أسلوب جديد لفحص الـ DNA يكون في نفس حساسية الأساليب القديمة، ولكن أقل تعقيدا في الاستخدام؛ لذلك تم تصميم الأسلوب الجديد ليكون أكثر حساسية بحوالي مائة مرة عن الأساليب القديمة كما أنه انتقائي؛ حيث يمكنه تحديد عدم التطابق الدقيق جدا الذي لم يكن يمكن تحديده عن طريق الأساليب القديمة، ويتميز بالسرعة والسهولة في تتبع مدى واسع من الأمراض الوراثية والجينية مثل السرطان والأمراض العصبية الوراثية والأمراض التي تنتقل عن طريق العلاقات الجنسية بالإضافة إلى الأسلحة البيولوجية مثل anthrax، كما أن تكلفته ضئيلة مقارنة بالأساليب الأخرى.
وباستخدام الأسلوب الجديد يمكن عمل أكثر من اختبار تطابق للـDNA على شريحة زجاجية واحدة؛ حيث يكون كل اختبار عبارة عن جديلة مفردة من DNA صناعي مصمم بتسلسل معين بحيث يرتبط بجديلة أخرى من الـDNA المراد اختباره ذات تسلسل يدل على وجود الهدف الذي يتم البحث عنه، سواء كان مرضا معينا أو صفات مميزة، ثم يتم وضع الشريحة الموضوع عليها الاختبارات المختلفة في محلول يحتوي على الـ DNA المراد فحصه، وفي حرارة الغرفة تتم عملية الارتباط والمطابقة الكلية أو الجزئية بين الـDNA الصناعي والطبيعي على سطح الشريحة وعن طريق مجس جزيئات الذهب الدقيقة تلتصق جزيئات الذهب بالارتباطات بين الجديلتين حتى يمكن الاستدلال عليها، بعد ذلك يتم رفع درجة حرارة الشريحة إلى ما قبل درجة ذوبان الـDNA المراد فحصه وتغسل جيدا، وهنا تنحل كل الارتباطات غير المتطابقة؛ حيث إن الروابط بين الجدائل المتطابقة جزئيا تكون ضعيفة وبالتالي تبقى فقط الجدائل ذات التطابق الكلي، ويكون ملتصقا بكل منها جزيء ضئيل من الذهب يمثل إشارة لوجود التطابق، ثم يتم تكبير هذه الإشارة باستخدام محلول تصوير معدل؛ حيث يغطى في هذا المحلول كل جزيء ذهب بغطاء من الفضة مما يكبر الإشارة بمعامل 100ألف مرة، وباستخدام السكانر المسطح يمكن تصوير الشريحة لتظهر الارتباطات المتطابقة كنقط رمادية واضحة،
وكلما كانت تلك النقطة أقتم دل ذلك على وجود التطابق بصورة أكبر مما يدل على وجود الهدف الذي تمثله تلك الجديلة من الـDNA الصناعي.
ويأتي توقيت هذا الابتكار مناسبًا للأبحاث الحديثة على الجينوم البشري لمحاولة تفهمه؛ حيث سيكون عاملا مساعدا هاما في تلك الأبحاث لمزاياه العديدة خاصة قلة التكلفة؛ فالشركات التي تعمل في مجال تكنولوجيا الشرائح الجينية تستخدم أسلوب PCR مقرونًا بالمجس الفلورسنتي؛ حيث تتم قراءة تلك الشرائح باستخدام جهاز معقد يتكلف أكثر من 60ألف دولار، كما أن عملية الاختبار تأخذ سلسلة طويلة ومعقدة من الخطوات، أما الأسلوب الجديد فهو بسيط في استخدامه، ولا يحتاج لقراءة نتائجه إلا لجهاز سكانر مسطح لا يتكلف أكثر من 60 دولارا